منذ
0 0 تصويتات

في أحد الأيام، وبينما كنا نتجول في السوق، لاحظ ابني أن الناس يشترون الحلوى والكعك بمناسبة رأس السنة.
اقترب مني بنظرات مليئة بالبراءة وقال:

"بابا، حتى حنا شري لينا حلوى ديال الكريم!"

ابتسمت له، وقررت ألا أرفض فقط، بل أشرح له. جلست معه بهدوء، ونظرت في عينيه الصغيرة المتلهفة، وقلت:

"ولدي العزيز، الناس اللي شفتهم كيحتافلو براس العام، كيحتافلو بشي مناسبة مرتبطة بثقافتهم ودينهم. عندهم حاجة سميتها "البوناني"، وهي مرتبطة بميلاد سيدنا عيسى عليه السلام حسب معتقدهم. ولكن إحنا عندنا أعيادنا الخاصة، وأفراحنا اللي كيجمّعونا، اللي فيها طابعنا وهويتنا الإسلامية."

نظر إلي بتعجب وسأل:

"شكون هو الغرب؟ وشنو هو البوناني؟"

فأجبته ببساطة:

"الغرب هم الناس اللي عايشين في أوروبا وأمريكا، وعندهم ثقافات مختلفة. أما البوناني فهو احتفالهم ببداية السنة الجديدة، وهو مرتبط عندهم بعيد ديني خاص بميلاد المسيح. لكن بالنسبة لينا، إحنا ماشي من عادتنا نحتافلو به، لأنه ماشي عيد من أعيادنا. إحنا كنحتافلو بعيد الفطر، وعيد الأضحى، وعندنا رمضان، ولياليه الزينة، ولمة العائلة، وذكرياتنا الجميلة."

فكر قليلاً، ثم قال بحماس طفولي:

"آه صافي بابا! دابا فهمت… ولكن واش نقدرو نديرو شي حاجة زوينة بلا بوناني؟"

قلت له بابتسامة:

"أكيد! نطيبوا الكرعين ونجمعو العائلة، نسهروا ونتصنتو لقصص زمان!"

ضحك وقال:

**"لالا، صافي بابا، الحولي حسن لينا!"


الرسالة التربوية:

التربية اليوم لم تعد مجرد أوامر ونواهي، بل حوارات صادقة، فيها حب وتفهم.
ليس الهدف أن نمنع أبناءنا من معرفة العالم، بل أن نعرّفهم على هويتهم الخاصة أولًا، ونزرع فيهم حبها، حتى يكون لهم ميزان يزنون به ما يرونه ويسمعونه.


ماذا عنكم؟

هل سبق ودار بينكم وبين أولادكم حوار مشابه؟
كيف تشرحون لهم اختلاف الثقافات دون إصدار أحكام قاسية؟
شاركونا آراءكم وتجاربكم… التربية مسؤولية جماعية، والكلمة الطيبة قد تصنع أثرًا يدوم سنوات.

تعليقك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
لن نستخدم هذا البريد إلا للتنبيهات.