بعد علاقة دامت سبعة أشهر مع رجل محترم وخلوق، جعلتها لحظة ضعف تبتعد عنه. مرت الأيام، واشتد الحنين. فهل تستحق المبادرة؟ وهل الحب يُقاس بالكبرياء؟ قصة فتاة بين الحنين والكرامة
في زمن أصبحت فيه العلاقات سطحية وسريعة، وتبدّل القلوب صار أبسط من تقليب صفحات الهواتف، هناك دائمًا استثناءات... هناك شخص لا يُنسى.
أنا فتاة مثقفة وواعية، أبلغ من العمر 24 عامًا. لم أكن يومًا من ذلك النوع الذي يركض خلف العلاقات العابرة أو الكلمات المعسولة، كنت دائمًا أؤمن بأن الوقت لا يجب أن يُهدر إلا مع من يستحق.
قبل حوالي سبعة أشهر، تعرفت على شخص يشغل منصبًا محترمًا، ويمتاز بأخلاق عالية وتعامل راقٍ جدًا. لم يكن مثل أولئك الذين يفتتحون الحديث بنكت مبتذلة أو رسائل فارغة. كان مختلفًا... حتى في صمته.
تعرفت عليه بعد عيد الفطر، حين أرسل أول رسالة. لم أتردد كثيرًا في الرد، فقد شدني احترامه وطريقته في الكلام. ومنذ تلك اللحظة، بدأت بيننا علاقة جميلة، لا تشوبها نوايا سيئة ولا تصرفات صبيانية.
كان إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لا يرفع صوته، لا يضغط عليّ، وحتى حين أكون أنا المخطئة، هو من يعتذر. دائمًا يحاول لقائي، لا يملّ من الانتظار، ويعاملني كأنني جوهرة نادرة.
لكن، كما في كل القصص، جاءت لحظة انهيار.
مررت بأزمة شخصية أثرت عليّ كثيرًا: مشاكل في الدراسة والعمل، ضغط نفسي كبير، وخذلان من أقرب الناس. دخلت في حالة نفسية صعبة، ابتعدت عن الجميع، وكنت أحتاج فقط لمن يسأل: "واش نتا بخير؟"
هو اختفى. أسبوع كامل، دون أن يسأل. شعرت أنني كنت مخطئة في الثقة به. غضبت، وواجهته.
أخبرني أنه ابتعد لأنه ظن أنني بحاجة لمساحة ووقت، أنه لم يرد أن يزيد من تعبي النفسي. كلامه كان منطقياً، لكني كنت ما زلت غاضبة. ومنذ ذلك الحين، تغير كل شيء.
لم نعد نتحدث. هو ما زال يتابع "ستوريهاتي"، أراه يضع رموز التفاعل، لكن لا يرسل شيئاً. وأنا... أقسم أنني ما زلت أحبه، أحترمه، أقدّره. لكني مترددة.
كنت أقاوم نفسي كل يوم كي لا أرسل له رسالة. كنت أقول: "لماذا لا يُرسل هو؟ لماذا يجب أن أكون أنا من تبادر؟"
لكني لست فتاة تعيش على الكبرياء الفارغ. أنا أؤمن أن الناس لا تُقاس بردود أفعالهم، بل بنواياهم.
مرت أيام، واشتد الحنين. وها أنا اليوم، أكتب هذه القصة، لا لأنني ضعفت، بل لأنني نضجت.
سؤال أطرحه على نفسي يوميًا.
هل يجب أن نبادر في الحب؟
هل كرامتي ستُهان إن كتبت له فقط لأقول: "اشتقت للحديث معك"؟
هل صحيح أن المرأة لا يجب أن تُظهر شوقها أبدًا؟
الجواب عندي تغير.
أحيانا، أكبر خطأ نرتكبه هو ترك شخص جيد يغادر فقط لأننا انتظرنا أن يبادر أولاً.
هو لم يخطئ. وأنا لم أُخطئ. ما حدث كان مجرد سوء فهم بسيط، كبُر مع الوقت حتى صار جداراً. وكلما تأخرت في الحديث معه، زاد الجدار سمكًا.
أنا أفكر بذكاء الآن. لن أبدأ الرسالة بكلمة "سلام" فقط، لن أقول له "اشتقت"، بل سأكتب شيئًا صادقًا، بسيطًا، ومباشرًا... مثل:
"فكرت مؤخرًا فكل حاجة دازت بيناتنا، وقلت مع راسي، خسارة يضيع شي زوين بسبب سوء تفاهم بسيط. كنتي ديما محترم، ودابا بغيت نقول شكرا فقط، وماشي أكثر."
بهذا الأسلوب، لن أكون ضعيفة، ولن أفرض نفسي. بل سأفتح بابًا... إن أراد الدخول، فمرحبًا. وإن لم يرد، فأنا لم أخسر شيئًا سوى كبرياء زائف.