منذ
10 مشاهدات
0 0 تصويتات

قصة واقعية لفتاة عاشت سنوات في خوف وقلق صنعته في ذهنها، قبل أن تبدأ رحلة العلاج النفسي وتغيير حياتها. قصة يبحث عنها القراء المهتمون بالصحة النفسية وتطوير الذات.

كانت “ريم” فتاة عادية كغيرها، مبتسمة، هادئة، تحب قضاء الوقت مع صديقاتها. لكن بداخلها كان يعيش شيء مظلم، شيء لم تخبر به أحدًا. شيء كانت تخشى الاعتراف به حتى لنفسها.

منذ مراهقتها، بدأت تعيش حالة غريبة… خوف بدون سبب.
خوف من المستقبل، من الناس، من الخروج، من الكلام، من أن تُخطئ.
كانت تشعر دائمًا أن الجميع يراقبها… يحكم عليها… ينتقدها.

وبدأت رحلة القلق.

لم تكن تفهم ما يحدث لها. لم تكن تستطيع تفسير ذلك الإحساس الثقيل في صدرها، ذلك الارتجاف في يديها كلما تحدثت أمام الناس، ذلك الصوت الداخلي الذي يكرر:

“أنت غير كافية… ستفشلين… سيضحكون عليك.”


البداية الحقيقية للمعاناة

في الجامعة، كانت ريم تجلس دائمًا في الصفوف الخلفية.
كانت تحاول ألا يلاحظها أحد. كانت تتجنب الأسئلة، المشاركات، العروض، أي موقف يظهرها أمام الآخرين.

ومع الوقت، أصبحت تتجنب الكثير من الأشياء:

  • رفضت المشاركة في نشاطات

  • اعتذرت عن زيارات

  • انسحبت من مناسبات اجتماعية

  • حتى أنها تخلت عن فرص عمل خوفًا من المقابلة

كانت تعرف أن هذا ليس طبيعيًا… لكنها كانت عاجزة.

في إحدى الليالي، حدث لها أول نوبة هلع.
كانت وحدها في غرفتها عندما شعرت بقلبها ينبض بسرعة مخيفة، أنفاسها تتسارع، أطرافها ترتجف، واعتقدت أنها ستموت.

ركضت إلى والدتها وهي تبكي:

– ماما… قلبي! سأموت! أرجوكِ ساعديني!

أخذتها والدتها إلى المستشفى. وبعد الفحوصات، قال الطبيب:

– كل شيء سليم… إنها فقط نوبة هلع.

لكن كلمة “فقط” لم تخفف شيئًا… بل زادت قلقها.


الخوف يكبر… والخيالات تتوسع

بعد نوبة الهلع الأولى، بدأت ريم تخاف من تكرارها.
والخوف من الخوف… أسوأ أنواع الخوف.

لم تعد تخرج وحدها.
كانت تتجنب الأماكن المزدحمة.
وتفكر ألف مرة قبل القيام بأي شيء بسيط.

كانت تقول لنفسها:

“ماذا لو أصبت بنوبة أمام الناس؟”
“ماذا لو فقدت السيطرة؟”
“ماذا لو سقطت؟”

وبمرور الوقت، أصبحت أسيرة أفكارها.


اللحظة التي غيّرت كل شيء

في يوم من الأيام، كانت ريم في طريقها إلى الجامعة، لكنها توقفت فجأة وسط الطريق. شعرت بالدوار. تسرّع قلبها. أرادت العودة للبيت.
دموعها نزلت دون إرادة.

جلست على الرصيف، تحاول استجماع نفسها. مرّت امرأة كبيرة في السن، نظرت إليها وقالت:

– يا ابنتي… لا شيء في الدنيا يستحق أن تخافي كل هذا الخوف.
– أنا… أنا خائفة بدون سبب.
– إذن هذا خوف صنعه عقلك. والعقل يستطيع أن يصنع… ويستطيع أن يهدم أيضًا.

كانت جملة بسيطة… لكن تأثيرها كان كبيرًا جدًا.

عندما عادت ريم إلى البيت، بدأت تبحث في الإنترنت عن القلق، نوبات الهلع، العلاج السلوكي، تمارين التنفس، العادات المساعدة.
ولأول مرة… شعرت أنها ليست وحدها.
هناك ملايين مثلها.


بداية العلاج

قررت ريم زيارة طبيبة نفسية. لم تكن الخطوة سهلة، لكنها كانت بداية الشفاء.

قالت الطبيبة لها:

– ريم… أنتِ لست مريضة نفسية كما تظنين. لديكِ قلق متراكم. علاجك سهل… لكن يحتاج صبرًا وإصرارًا.

بدأت الجلسات:

✔ تعلمت ريم تمارين التنفس

✔ تعلمت مواجهة الأفكار السلبية

✔ تعلمت التدرّج في مواجهة مخاوفها

✔ تعلمت أن القلق ليس عدوًا… بل رسالة

✔ تعلمت أن الخوف لا يقتل… بل يوهم

✔ تعلمت أن تقول “لا” أحيانًا

وبدأت رحلة التغيير.


رحلة المواجهة

طلبت الطبيبة من ريم أن تبدأ بمواجهة مخاوف بسيطة.
في البداية، كانت مهمة صغيرة مثل:

  • الذهاب إلى البقالة وحدها

  • الجلوس في مقهى

  • التحدث مع شخص غريب

  • المشاركة في حصة واحدة في الجامعة

في كل مرة تواجه خوفًا صغيرًا… كانت تشعر بانتصار كبير.

ومع الوقت، بدأت تتغير.

كانت تكتب في دفترها كل يوم:

“اليوم واجهت خوفًا جديدًا.”


التغيير الحقيقي

بعد سنة من العلاج، أصبحت ريم شخصًا آخر.
لم تعد تلك الفتاة الخجولة المتخفية.
أصبحت تشارك في المؤتمرات، تقف على المسرح، تتحدث أمام الناس بثقة.

وعندما سألها أحدهم:

– كيف تغلبتِ على خوفك؟

أجابت:

– اكتشفت أني أنا من صنع خوفه… وأنا من هزمه.


رسالة ريم لكل من يعاني مثلها

كتبت ريم في حسابها على مواقع التواصل:

“لا تجعلوا الخوف يسرق حياتكم.
واجهوه… خطوة خطوة.
ستكتشفون أنكم أقوى مما تتخيلون.”

كانت قصتها مصدر إلهام لآلاف الفتيات.
وأصبحت تساعد غيرها من الذين يمرون بنفس التجربة.
أصبحت الصوت الذي كانت تتمناه لنفسها في الماضي.

تعليقك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
لن نستخدم هذا البريد إلا للتنبيهات.